الثلاثاء أكتوبر 14, 2014 8:22 pm | |
مدير المنتدى
بيانات اضافيه [+] | الجنس : عدد المساهمات : 3301 نقاط : 5160 العمل/الترفيه : توت تعاليق :
اتمنى يكون المنتدى جمعة خير وفائدة للجميع
لا اله الا الله محمد رسول الله
|
|
|
| موضوع: كيف تعمر صلتك بربك ؟
كيف تعمر صلتك بربك ؟لماذا الحديث عن الصلة بالله عز وجل؟لأن لم يُصب هذه الأمة ما أصابها من ويلات ونكبات ومصائب إلا بسبب تفريطها في علاقتها مع ربها، مما نتج عنه ضعف في همتها وقوتها وضعف في إيمانها ويقينها.قال تعالى: }وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ{.ولن يرتفع عنها ما حل بها إلا بإعمار هذه الصلة بربها وخالقها وبارئها.بسم الله الرحمن الرحيمتوطئةالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وبعد:فإن العبد التقي يفرح بالقرب من أولياء الرحمن ويأنس بهم، لما يرى من أثر ذلك على نفسه من تثبيت على الحق وزيادة في الخير وقوة في رد الباطل وغيرها من المنافع الكثيرة التي يحصل عليها العبد بصحبة إخوانه وأحبابه في الله، وهذه الثمرات لم تكن إلا لكونهم أولياء الرحمن، كيف وإن كان هذا القرب والقوة في الصلة بالله وحده المتفرد بكمال الجمال والجلال. ولله المثل الأعلى-؟!! لا ريب أن الأنس يكون أعظم والنعيم أشمل، لا سيما في هذه الدنيا المليئة بالمنغصات والمكدرات، حينما يبحث المرء عن ملجأ أو ملاذ، فلا يرى أقوى من جناب ربه فيهرب من ضيق صدره بالهموم والغموم والأحزان التي تعتريه في هذه الدار من جراء نفسه وما يتعلق بماله وبدنه وأهله وعدوه، يهرب من ضيق صدره بذلك كله إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى، وصدق التوكل عليه، وحسن الرجاء لجميل صنعه به وتوقع المرجو من لطفه وبره.قال ابن القيم رحمه الله: ومن أحسن كلام العامة قولهم: لا هم مع الله، قال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{.قال الربيع بن خُثَيْم: يجعل له مخرجًا من كل ما ضاق على الناس.وقال أبو العالية: مخرجًا من كل شدة، وهذا جامع لشدائد الدنيا والآخرة ومضايق الدنيا والآخرة، فإن الله يجعل للمتقي من كل ما ضاق على الناس واشتد عليهم في الدنيا والآخرة مخرجًا.وقال الحسن: مخرجًا مما نهاه عنه }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{ أي كافي من يثق به في نوائبه ومهماته، يكفيه كل ما أهمه. ا هـ . ([1]).وللصلة بالله عز وجل، والانطراح بين يديه ومناجاته نعيم عظيم ولذة لا تساويها لذة، لا يحرمها إلا من أهان نفسه بالاتصال بمن هم دونه من المخلوقات والجمادات والضعفاء والعاجزين، والذين لا يملكون لأنفسهم صرفًا ولا عدلاً فكيف بغيرهم؟!وكلما كانت الصلة بالله عامرة كانت الولاية والإيمان بالله أقوى، وكان النعيم واللذة أعظم، ولا ريب أن كل عبد مؤمن يأمل ويسعى جاهدًا لإعمار هذه الصلة بالله عز وجل الذي بيده ملكوت السموات والأرض. ولعلِّي أتناول هنا بعض أسباب تقوية الصلة بالكبير المتعال سبحانه وتعالى، لعلها تكون سببًا في إصلاح حالنا ومآلنا ولا يعني ذكرها الحصر، وإنما ذلك جهد المقل وأول هذه الأسباب وأهمها: السبب الأول: تحقيق التوحيد وتمحيصه:والتوحيد الخالص الذي فطر الناس عليه، هو جماع السعادة، ومجتمع الطاعة والصلة بالله في الدنيا، ومفتاح الجنة في الآخرة متمثلاً في كلمة الإخلاص لا إله إلا الله محمد رسول الله، والنطق بـ«لا إله إلا الله» يقتضي أن تقدم محبته سبحانه ومحبة رسوله على جميع المحاب، حيث لا تساويها ولا تزاحمها محبة أيًّا كانت، قال تعالى: }قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ [التوبة: 24].قال الشيخ صالح الفوزان: «والمحبة هي أصل دين الإسلام الذي تدور عليه رحاه، فبكمال محبة الله يكمل دين الإسلام وبنقصها ينقص توحيد الإنسان»([2]).وقال سبحانه: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ{ [البقرة: 165].قال الإمام ابن القيم رحمه الله على هذه الآية: «أخبر تعالى أن من أحب من دون الله شيئًا كما يحب الله تعالى فهو من اتخذ من دون الله أندادًا في الحب والتعظيم».وقال الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله: «وفيه أن من اتخذ نِدًا تساوي محبته محبة الله، فهو الشرك الأكبر». ا هـ.وأطلق الله تعالى الإيمان على الذين ارتفعت محبة الله في قلوبهم على كل المحاب مهما كانت، وتجريد المحبة لله من دقائق أسرار التوحيد التي قل من يسلم منها – إلا من رحم ربي، لأنها من أعمال القلوب التي لا يطلع عليها إلا الذي يعلم ما تخفي الصدور ولكن أثرها ظاهر على الجوارح، وذلك أن من أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من رضاه، وتكون جميع المحاب تبعًا لمحبته سبحانه ويكون المعبد موفقًا لا يحب إلا ما يحب الله ورسوله، ولا يكره إلا ما يكره الله ورسوله فيلتم شمل قلبه ويجتمع على ربه، فيحبه ربه ويكون معه في كل أحواله، فلا يكله إلى نفسه طرفة عين، فيحميه من نفسه الأمارة بالسوء وهواه وشيطانه – نسأل الله من فضله -.قال ابن القيم في نونيته: فالقلب مضطر إلى محبوبه الـأعلى فلا يغنيه حب ثانيوصلاحه وفلاحه ونعيمهتجريد هذا الحب للرحمانفإذا تخلى منه أصبح حائرًاويعود في ذا الكون ذا هيمانقال الشعبي: إذا أحب الله عبدًا لم يضره ذنب. قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: وتفسير هذا الكلام أن الله – عز وجل – له عناية بمن يحبه، من عباده، فكلما زلق ذلك العبد في هوة الهوى أخذ بيده إلى نجوة النجاة، ييسر له أسباب التوبة، وينبهه على قبح الزلة فيفزع إلى الاعتذار، ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى.اهـ ([3]).بيد أن محبة الله لربه تحتاج إلى براهين وأدلة. قال الحسن: قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: إنا نحب ربنا حبًّا شديدًا، فأحب الله أن يجعل لحبه علمًا، فأنزل الله تعالى: }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ{ [آل عمران: 31].ومن هنا يُعلم أنه لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله، إلا بشهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا علم أنه لا تتم محبة الله إلا بمحبة ما يحبه، وكراهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله، باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته.قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله: «ومن علامات صدق محبة العبد لله ما ذكره الله بقوله: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ{[المائدة: 54]، فذكر في هذه الآية الكريمة لمحبة الله أربع علامات: العلامة الأولى: أن المحبين لله يكونون أذلة على المؤمنين؛ بمعنى أنهم يشفقون عليهم ويرحمونهم ويعطفون عليهم؛ قال عطاء رحمه الله: «يكونون للمؤمنين كالوالد لولده».العلامة الثانية: أنهم يكونون أعزة على الكافرين؛ أي يظهرون لهم الغلظة والشدة والترفع عليهم، ولا يظهرون لهم الخضوع والضعف.العلامة الثالثة: أنهم يجاهدون في سبيل الله بالنفس واليد والمال واللسان؛ لإعزاز دين الله وقمع أعدائه بكل وسيلة. العلامة الرابعة: أنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم؛ فلا يؤثر فيهم ازدراء الناس لهم ولومهم إياهم على ما يبذلون من أنفسهم وأموالهم لنصرة الحق؛ لقناعتهم بصحة ما هم عليه، وقوة إيمانهم ويقينهم؛ فكل محب يؤثر فيه اللوم فيضعفه عن مناصرة حبيبه فليس بمحب على الحقيقة». اهـ ([4]).إن الذين حققوا قول: «لا إله إلا الله» وأخلصوا في قولها وصدقوا قولهم بعملهم، فلم يلتفتوا إلى غير الله محبة ورجاء وخشية وخوفًا وطاعة وتوكلاً، هم الذين صدقوا في قول «لا إله إلا الله» وهم عباد الله حقًّا الذين لاذوا بربهم وقويت علاقتهم بخالقهم فتنعموا بالصلة به سبحانه وبطاعة أوامره واجتناب نواهيه، وهم الذين حماهم المولى من عبادة الشيطان والهوى، وهم عباد الرحمن الذين قال الله عنهم في كتابه: }إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ{ [الحجر: 42].أما من قال «لا إله إلا الله» بلسانه، ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله، ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى: }وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ{ [ص: 26].فالهوى يشتت صاحبه ويهيم به في كل واد، مرة يعبده للمال وأخرى للباس، ثم لأهل المال والرئاسة، وهكذا يفرق قلبه في كل ما لذ وطاب من نعيم الدنيا المؤقت الزائل لا محالة، وفي النهاية يهوي به في نار جهنم، بعد أن جعله يكره ما يحب الله ويرضاه، وقدح في توحيده من الشرك ما يكون سببًا لحبوط عمله عياذًا بالله، قال تعالى: }ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ{[محمد: 28]، هذا نص في أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه محبط للعمل. ([1]) تهذيب مدارج السالكين. ([2]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص(273).([3]) الجامع المنتخب من رسائل ابن رجب. ([4]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص(76). الموضوع الأصلي : كيف تعمر صلتك بربك ؟ المصدر : عالم العرب الكاتب:admin
| | |